skip to Main Content

تاريخ دمشق:

أقدم مدينة مأهولة في التاريخ

أصول دمشق وتاريخ بنائها

تُعدّ دمشق من أقدم المدن المأهولة في العالم، حيث اختلف المؤرخون في تحديد تاريخ نشأتها. يذكر البعض أن النبي إبراهيم عليه السلام وُلد بعد بنائها بخمس سنوات، وفقًا لما ورد في معجم البلدان. ويرى بعض الباحثين أن جيرود بن سعد بن عاد بن إرم بن سام بن نوح هو من أسسها، بينما يرجع آخرون بناؤها إلى اليونانيين، الذين اختاروا موقعها بعناية بعد دراسة حركات الكواكب.

أما ياقوت الحموي، فقد ذكر أن اسم دمشق اشتُق من فعل “دمشقوا”، أي أسرعوا في بنائها. وعُرفت أيضًا باسم دارميسق أو جلق. على مر العصور، سكنها العموريون والكنعانيون في الألف الثالث قبل الميلاد، ثم تعرّضت للغزو الآشوري ومن بعده النفوذ الفرعوني في عهد تحوتمس الثالث. كما أسس فيها الآراميون مملكة آرام دمشق، ثم خضعت لحكم الفرس واليونانيين والرومان، حتى أصبحت عاصمة للحضارة الإسلامية.

أبواب دمشق السبعة وتاريخها

تم تشييد سور دمشق الكبير لحمايتها من الغزاة منذ العصر اليوناني، وشهد العصر الروماني تعزيز هذا السور وإضافة سبعة أبواب رئيسية، كل منها مرتبط بأحد الكواكب السبعة التي كانت معروفة آنذاك، وقد تم تزيينها برموزها الفلكية. وفيما يلي أبواب دمشق التاريخية:

  1. باب شرقي: يقع في الجهة الشرقية للمدينة، ويرمز إلى كوكب الشمس. هو الباب الوحيد المتبقي من العهد الروماني، ومنه دخل خالد بن الوليد فاتحًا دمشق.
  2. باب جنيق (باب السلامة): يقع شمال المدينة، ويرمز إلى كوكب القمر، وكان محميًا بمجرى نهر العقرباني.
  3. باب توما: ينسب إلى أحد القادة الرومان، ويرمز إلى كوكب الزهرة. أعيد بناؤه في عهد الملك الأيوبي الناصر عام 1227م، ثم جُدّد في عصر المماليك عام 1333م.
  4. باب كيسان: يرمز إلى كوكب زحل، دخل منه المسلمون بقيادة يزيد بن أبي سفيان. أغلقه نور الدين زنكي، ثم أعيد فتحه في العهد المملوكي.
  5. باب الفراديس: يرمز إلى كوكب عطارد، واشتهر بحصار المسلمين له بقيادة عمرو بن العاص حتى استسلمت الحامية البيزنطية.
  6. باب الجابية: يرمز إلى كوكب المشتري، وكان يؤدي إلى معسكر الجباية العسكرية. دخل منه جيش المسلمين بقيادة أبي عبيدة بن الجراح.
  7. باب الصغير: أصغر أبواب دمشق، ويرمز إلى كوكب المريخ. أعيد بناؤه في عهد نور الدين زنكي، ثم جُدّد في عهد الملك الأيوبي عيسى بن أبي بكر عام 1226م.

بالإضافة إلى هذه الأبواب، هناك باب جيرون الذي كان المدخل الشرقي لـ معبد جوبيتير الدمشقي، وباب البريد.

قلعة دمشق

تعد قلعة دمشق من أهم المعالم الأثرية في المدينة، وقد بدأ السلاجقة بناءها عام 1076م، بعد طرد الفاطميين منها. أكمل البناء الأمير أرسلان، ثم وسّعها الملك العادل الأيوبي بين عامي 1199 و1218م. لم يُدمّر الملك العادل القلعة السلجوقية، بل أنشأ قلعة جديدة متقدمة استراتيجيًا عن الخط الدفاعي القديم، لتكون حصنًا منيعًا ضد الغزاة.

تبلغ مساحة القلعة 33,176 مترًا مربعًا، وتحتوي على أربعة أبواب و12 برجًا، مما يجعلها واحدة من أقوى القلاع في المنطقة.

الجامع الأموي: جوهرة دمشق القديمة

كان الجامع الأموي في الأصل معبدًا رومانيًا للإله جوبيتير، ثم تحوّل إلى كنيسة، قبل أن يصبح جامعًا إسلاميًا في عهد الخليفة الوليد بن عبد الملك بين عامي 705 و715م.

يعد الجامع من أعظم الإنجازات المعمارية الإسلامية، إذ تبلغ مساحته 15,700 متر مربع، ويتميّز بعمارته الفريدة، ومآذنه الثلاثة:

  • مئذنة عيسى (الشرقية).
  • مئذنة العروس (الغربية)، وهي أقدم مئذنة إسلامية قائمة حتى اليوم.
  • مئذنة قبة الخزنة.

يحتوي الجامع على ضريح النبي يحيى (يوحنا المعمدان)، كما يضم أربعة أبواب رئيسية:

  • باب القوافين.
  • باب البريد من الجهة الغربية.
  • باب العمارة.
  • باب النوفرة.

المعالم الأثرية في دمشق القديمة

تزخر دمشق بالعديد من المعالم التاريخية، أبرزها:

  • قبور الصحابة والقادة الإسلاميين، مثل مقبرة باب الصغير.
  • البيمارستان النوري، أحد أقدم المشافي في العالم الإسلامي.
  • المدرسة العادلية والمدرسة الظاهرية.
  • جامع التوبة والمدرسة الجقمقية.
  • قصر العظم، وهو تحفة معمارية عثمانية.
  • المتحف الوطني، الذي يحوي آثارًا تعكس تاريخ سوريا عبر العصور.

كنائس دمشق القديمة

تمتلك دمشق إرثًا مسيحيًا غنيًا، حيث تضم العديد من الكنائس التاريخية التي تجمع بين الفن والجمال المعماري، مما يجعلها وجهة مقدسة للمسيحيين حول العالم.

أسواق دمشق القديمة

تمثل الأسواق القديمة قلب المدينة النابض، حيث تتشابك الأزقة المغطاة بأقواس حجرية، وتتزين المحلات بروائح البخور والعطور الشرقية. يمكن للزائر أن يجد هنا النحاس الدمشقي المنقوش يدويًا، والأقمشة الحريرية والبروكار الشهير، والسجاد الدمشقي الفاخر.

من أشهر الأسواق التاريخية في دمشق:

  • سوق الحميدية.
  • سوق مدحت باشا.
  • سوق الصاغة.
  • سوق العطارين.
  • سوق القيشاني والخياطين.
  • سوق السجاد والنحاسين.

تمر أشعة الشمس من خلال الفتحات العلوية للأسواق المغطاة، لتخلق جوًا روحانيًا أشبه بمعابد قديمة، مما يجعل زيارة أسواق دمشق تجربة فريدة وساحرة لا تُنسى.


تاريخ دمشق:

مدينة تتنفس التاريخ

تجتمع في دمشق الأصالة والتاريخ، حيث تمتزج الحضارات القديمة بالحياة العصرية. إنها المدينة التي احتضنت العلماء والشعراء والتجار والقادة، ولاتزال تحتفظ بسحرها الذي يجذب الزوار من مختلف أنحاء العالم.

زيارة دمشق القديمة ليست مجرد رحلة عبر الزمن، بل هي تجربة ثقافية وروحانية، تروي قصص الحضارات التي مرت من هنا وتركت بصماتها في كل زاوية من أزقتها العتيقة.

Back To Top