متحف الطب والعلوم عند العرب (البيمارستان النوري)
بيمارستان هي كلمة فارسية مركبة من جزأين (بيمار) ومعناها المريض، و(ستان)الدار، أي دار المرضى، والبيمارستانات كانت بمثابة مستشفيات ومدارس للطب، يعالج فيها المرضى من جميع الأمراض بما فيها الأمراض النفسية. إلى أن تدهورت أحوالها وأهملت وهجرها المرضى فما عادت تستخدم إلا لعزل المجانين، وصارت كلمة مارستان تعني مأوى المجانين.
وقد أنشأ الخليفة الوليد بن عبد الملك في عصر الدولة الأموية أول بيمارستان في دمشق عام 707 م بعدها انتشرت البيمارستانات في بلاد الشام انتشاراً واسعاً، ومن أشهرها في سورية البيمارستان النوري الذي يقع وسط دمشق القديمة إلى الجنوب الغربي من الجامع الأموي.
وينسب البيمارستان النوري إلى الملك العادل نور الدين محمود بن زنكي الذي أنشأ هذا البيمارستان وذاعت شهرته كأول جامعة طبية في الشرق كله، سنة 549هـ - 1154م، وخصصه كمشفى للمساكين والفقراء، ثم تحول ليصبح واحداً من أشهر المشافي ومدارس الطب والصيدلة في البلاد الإسلامية، وقد تعلم فيه كبار الأطباء مثل ابن سينا والزهراوي.
ويقول المؤرخون إن أول طبيب عينه السلطان نور الدين لإدارة البيمارستان هو أبو المجد ابن أبي الحكم، وكان يتردد على المرضى ويتفقد أحوالهم ويصف الدواء لكل منهم وذكرت المصادر التاريخية عدداً كبيراً من مشاهير الأطباء الذين مارسوا الطب في البيمارستان ومنهم ابن النفيس وظل البيمارستان النوري يعالج فيه المرضى إلى سنة 1317هـ- 1899م.
وقامت المديرية العامة للآثار والمتاحف في عام 1978م بترميمه وجهزته ليصبح مقراً لمتحف الطب والعلوم عند العرب يقع في شارع جانبي من سوق الحميدية، ويمكن التعرف عليه بسهولة من قبته المقرنصة الحمراء من الآجر على الطراز الرافدي، والمزودة بالزجاج الغامق.
المتحف يضم أربع قاعات رئيسية وهي:
١_قاعة العلوم: يعرض فيها أهم الأدوات العربية واللوحات الفنية التي تذكر بتطور العلوم عند العرب.
٢_قاعة الصيدلة: حيث يعرض فيها نماذج تمثل الأدوات والأجهزة التي كان يقوم العلماء العرب بواسطتها بمزج ودق وتركيب الأدوية المستخرجة من الأعشاب الطبية.
٣_قاعة الطب: تحوي على مخطوطات ولوحات ورسوم طبية ونماذج لأدوات جراحية مأخوذة من كتاب الزهراوي، بالإضافة إلى مقتنيات لها علاقة بالطب الروحي وأدوات لها علاقة بالشراب والغذاء.
٤_قاعة الطيور والحيوانات المحنطة تعليمية أكثر منها أثرية، إذ تحتوي على نماذج حديثة لطيور وحيوانات متنوعة محنطة، وهذا يشير إلى اهتمام العرب بعلم الحيوان وفن البيطرة.
ويوجد مكتبة تضم مجموعة من الكتب العلمية والطبية والصيدلانية والمؤلفات والمجلات والدراسات التي تبحث في التراث العربي الإسلامي.